للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال قوم: إنما سموا صوفية للبسهم الصوف.

وللجمع بين هذه الأقوال يرى الكلاباذى أن جميعها مستنبط من حال أهل الصفة، يقول: "ثم هذه كلها أحوال أهل الصفة الذين كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم كانوا غرباء فقراء مهاجرين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ووصفهم أبو هريرة وفضالة بن عبيد، فقالا يخرون من الجوع حتى تحسبهم الأعراب مجانين، وكان لباسهم الصوف حتى إن كان بعضهم يعرق فيه فيوجد منه ريح الضأن إذا أصابه المطر.

وقال الحسن البصري: كان عيسى - عليه السلام - يلبس الشعر ويأكل من الشجرة ويبيت حيث أمسى.

وقال أبو موسى: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبس الصوف، ويركب الحمار ويأتى مدعاة الضعيف.

وقال الحسن البصري: لقد أدركت سبعين بدريا ما كان لباسهم إلا الصوف ثم الصوف لباس الأنبياء وزى الأولياء". (١)

- المذهب الثاني:

ويتلخص هذا الاتجاه في بيان أصل التصوف بأن مبدأه إنما يرجع في الحقيقة إلى تاريخ العرب الجاهليين؛ حيث تنتسب كلمة صوفى إلى رجل يقال له صوفة، واسمه الغوث بن مر، فانتسب إليه الصوفية لمشابهتهم إياه في الانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى.

وهذا ما رجحه ابن الجوزى - رحمه الله -، ولم يكتف بذلك بل رد الأقوال الأخرى حيث نقض القول بنسبتهم إلى الصفة لمخالفة الاشتقاق اللغوى، يقول "ونسبة الصوفى إلى أهل الصفة غلط، لأنه لو كان كذلك، لقيل: صفى". (٢)


(١) التعرف لمذهب أهل التصوف: ٢١ - ٢٣, بتصرف.
(٢) تلبيس إبليس: ٢٠٨.

<<  <   >  >>