للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التفضيل والتحسين بالوضع، فيقول: "ومن الصوفية من يلبس الصوف ويحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبس الصوف.

فأما لبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصوف، فقد كان يلبسه في بعض الأوقات، لم يكن لبسه شهرة عند العرب.

وأما ما يروى في فضل لبسه، فمن الموضوعات التي لا يثبت منها شيء" (١).

وقد أورد - رحمه الله - من الروايات ما يثبت بها مخالفة هذا المعتقد، وأن جذور هذا اللباس مستمدة من أصول ديانة سابقة، وهى المسيحية كما ذكر ذلك شيخ الإسلام، فيروى بسنده أثرًا مفاده أن رجلًا يدعى عبد الكريم جاء إلى أبي العالية وعليه ثياب صوف، فقال له أبو العالية: (إنما هذه ثياب الرهبان إن كان المسلمون إذا تزاوروا تجملوا) (٢).

وقد روى أن: "عيسى - عليه السلام - كان يلبس الصوف، ويأكل من الشجرة، ويبيت حيث أمسى" (٣).

- وشيخ الإسلام إذ يقرر هذا، فإنه لا يرى صحة نسبة الصوفية أيضًا إلى ذلك الرجل الجاهلى المسمى بصوفة، مع صحة الاشتقاق من حيث اللغة، ويرجع ذلك لعدم اشتهار تلك القيلة من جهة، ومن جهة أخرى لأن الصوفية الأوائل كانوا من التدين والتمسك بمكان لا يقبلون فيه النسبة لأمر لا صلة له بالإسلام البتة.

ولعل في هذا ما يكفى لإبطال القول بنسبة الصوفية إلى سوفيا من حيث الأصل، لأن هذا بعيد من جهة اللغة والواقع الذي عرفت فيه الصوفية.

* * *


(١) تلبيس إبليس: ٢٥٤.
(٢) تلبيس إبليس: ٢٥٧, أخرجه البخاري في الأدب المفرد؛ كتاب من زار قومًا فطعم عندهم، رقم الحديث: ٣٤٨ (١/ ٤٤١). وصححه الألباني في صحيح الأدب: ١٤٠.
(٣) عوارف المعارف: ٥٩.

<<  <   >  >>