للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشام، وبحوث الأفلاطونية الجديدة (١) عند اليونان المتأخرين، وتأثير الرهبان المسيحيين المنتشرين في جميع بلاد المسلمين. . .

وقد ازدهرت حركة التصوف في بلاد الفرس بنوع خاص، ولعل سبب ازدهارها فيها قربها من بلاد الهند، كما ازدهرت في جنديسابور بتأثير الديانة المسيحية، وتقاليد الافلاطونية الجديدة التي وضعها فلاسفة اليونان بعد أن فروا من أثينة إلى فارس عام ٥٢٩ م". (٢)

وقد ساق الباحثون في هذه المجال عددًا من الشواهد والأدلة، التي تؤكد حقيقة هذا التأثر، فبالنسبة للتأثر بالمسيحية، يعد استعمال الصوف الذي كان سببًا في نسبة الصوفية إليه أحد تلك الدلائل، ولعل في استعمال الخرقة كدلالة على التمسك بالطريقة، والتسبيح بالمسابح وما تخلق به الصوفية من العزوف عن الزواج والانقطاع في الخلوات ما يوثق القول بذلك التأثر.

أما عن التأثر بأديان الهند: الهندوسية والبوذية (٣)، فأظهر ما يمكن أن يكون


(١) نسخة من الفلسفة الأفلاطونية التي تقوم على أساس اعتقاد أن كل هذه الموجودات ما هي إلا ظل خادع لحقائقها الثابتة في عالم المثل، وأنه حتى تتمكن الروح من الصعود إلى النموذج الأصلي لا بد لها من الحب المطهر الذي يكون بالتخلي عن جميع الشهوات الصارفة، انظر: المعجم الموسوعي، الدكتور سهيل زكار: (١/ ١٠١).
(٢) قصة الحضارة، ول ديورانت، ترجمة: محمد بدران: (١٣/ ٢١٤).
(٣) ديانة ظهرت في الهند بعد الديانة البرهمية في القرن الخامس قبل الميلاد، تقوم على اعتقاد أن بوذا هو ابن الله وأنه هو المخلص للبشرية من كل مآسيها وأتعابها، فقد نظر بوذا إلى الحياة نظرة متشائمة وازدرى كل ما فيها من الملذات لأنها فانية ومشوبة بالكدر واعتقد أن الخلاص الحقيقي يكون بتطير الذات من إرادة الملذات الدنيوية، وإذا تم له ذلك فإنه يستحق الخلاص، وحتي يتم له ذلك فإنه يدعو إلى الخير والبذل والتسامح والقناعة والتأمل. انظر الموسوعة الميسرة: ١٠٧.

<<  <   >  >>