للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصاحب هذا الوصف يقال له في اصطلاح القوم: في "حضرة الإطلاق" ويقال له: من الأحرار؛ "لكونه طلوقًا من طبائعه، ومن كل ما سوى مولاه، باقٍ بربه لا يشهد إلا علاه" (١).

ومرة أخرى يعرض لبيان هذه المقامات؛ ولكن في حالة خاصة، وهي حالة الاستغراق مع الذكر، يقول: "الله الله الله كرره ثلاثًا، إشارة إلى أن المراتب ثلاثة: توحيد الأفعال، والصفات، والذات، فإذا قال: الله، شاهد أفعاله في خلقه، وإذا قالها ثانيًا: شاهد الصفات، فيشاهد أن الله متصف بكل كمال، وإذا قالها ثلاثًا: ارتقى لمشاهدة الذات، فيشهدها بدون الصفات، وهي مرتبة أهل الفناء، أو مع الصفات والأفعال، وهذه مرتبة أهل البقاء" (٢).

ويقول في حال الاستغراق مع الذكر الصوفي المعروف (الله): "إن من داوم على ذكره في خلوة مجردًا، بأن يقول: الله الله؛ حتى يغلب عليه منه حال، شاهد عجائب الملكوت، يقول بإذن الله للشيء كن فيكون، وهو ذكر الأكابر من المولهين وأرباب المقامات، وأهل الكشف التام" (٣).

* * *

ولم تكن هذه المقامات الثلاثة؛ هي منتهى المقامات المعروفة عند الصوفية، وهذا ما فصل الصاوي القول به عند شرحه لبيت الدردير في منظومته:

وجد لي بجمع الجمع فضلًا ومنة ... وداوى بوصل الوصل روحي من الضنا.

يقول معربًا القول في معاني هذه الكلمات، التي سألها الدردير في دعائه:

"اعلم أن لهم مقامًا يقال له: الفناء.

ومقامًا يقال له: البقاء، والجمع والفرق.


(١) حاشية الصلوات: ٩١.
(٢) المرجع السابق: ٣٨.
(٣) المرجع السابق: ١١٠.

<<  <   >  >>