للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومقامًا يقال له: جمع الجمع.

ومقامًا يقال له: الفرق الثاني.

ومقامًا يقال له: الوصل.

ومقامًا يقال له: وصل الوصل".

وبعد هذا التقسيم المجمل يشرع في بيان حقيقة هذه المقامات بما يماثل ما تقدم من أقواله، وبذلك في المقامين الأولين، ولكنه يزيد في إيضاح سبب تسمية مقام البقاء بالجمع والفرق، فيقول: "ومشاهد الوحدة مشاهد للذات متصفة بالأسماء والصفات مثبتًا للآثار، جامعًا بين الحق والخلق، وهذا هو الكمال بعينه، فلذلك قالوا: لا بد لكل فناء من بقاء، ومقام البقاء هذا هو المسمى بالجمع والفرق، فجمعه شهود لربه، وفرقه شهود لصنعه.

أما عن المقامات التالية لهذا المقام؛ فكلامه في توضيحها وبيان ما يختص بها من أحكام هو التالى:

"أما الجمع: فهو مقام أعلى من البقاء، وهو أن يأخذه الحق بعد بقائه، فيسكره في شهود ذاته تعالى، فيصير مستهلكًا بالكلية عما سوى الله تعالى، فمنهم من يبقى بهذه السكرة إلى الموت كالسيد البدوي (١)، ولذلك قال العارفون: إنه جذب جذبة استغرقه إلى الأبد، ومنهم من يرد إلى الصحو عند أوقات الفرائض، والقيام بأمور الخلق، كالسيد الدسوقي (٢) وأضرابه والمؤلف؛ فيكون رجوعًا لله بالله، لا للعبد بالعبد".


(١) هو أبو العباس أحمد البدوي ولد بمدينة فاس بالمغرب، انتقلت أسرته إلى مكة المكرمة وعاش فيها زمنًا ثم انتقل إلى العراق ومصر واستقر في طنطا، نسب إلى الصوفية الكثير من الغرائب والعجائب، حكى عنه أنه أصيب بحالة وله فاضطربت لذلك أحواله ولم يستقر له أمر حتى مات سنة ستمائة للهجرة وقبره من أكبر المزارات التي يقصدها الكثير من الناس بأنواع البدع والشركيات، انظر: طبقات الشعراني: (١/ ٣١٠).
(٢) هو إبراهيم الدسوقي القرشي، أحد كبار الصوفية وصاحب طريقة معروفة، نسب إليه الكثير من أوهام الصوفية وخرافاتهم، قيل عنه أنه كان يدعى التحكم في أبواب الجنة والنار بأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما نسبت له أبيات في غاية الخطورة لما تحمله من معاني الفناء الوجودي، منها: =

<<  <   >  >>