للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يخرج الهوى صاحبه عن طريق العبادة المتمثل بالمحبة إلى الهوى فيضل عن سبيل الله كان الخوف رادعًا وزاجرًا يهيب بالعبد من مغبة الإعراض عن أمره ونهيه.

وكان القائد هو الرجاء، فإذا استعدى الخوف بصاحبه أتى الرجاء قائدًا له حاديًا إلى مرضاة الله بعيدًا عن القنوط من رحمته وجنته.

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله - في بيان هذه القاعدة الجليلة: "إن محركات القلوب إلى الله عز وجل ثلاثة: المحبة، والخوف، والرجاء.

وأقواها: المحبة وهى مقصودة تراد لذاتها، لأنها تراد في الدنيا والآخرة، بخلاف الخوف، فإنه يزول في الآخرة، قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

والخوف المقصود منه الزجر والمنع عن الطريق، فالمحبة تلقى العبد في السير إلى محبوبه، وعلى قدر ضعفها وقوتها يكون سيره إليه.

فالخوف يمنعه أن يخرج عن طريق المحبوب والرجاء يقوده، فهذا أصل عظيم، يجب على كل عبد أن ينتبه له، فإنه لا تحصل له العبودية بدونه" (١).

ومما يظهر به ضلال معتقدهم في تهميش جانب الرجاء، وجعله من عوائق الخلاص والترقى في مقامات العبادة والسلوك، أن غاية ما يرجوه العبد هو دخول الجنة، والتنعم بما فيها، وقد علم أن أعظم نعيم الجنة هو رؤية الله، قال - عليه الصلاة والسلام -: (إذا دخل أهل الجنة الجنة قال: يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل) (٢).

وبهذا يكون موقفهم من ترك عبادة الله بالرجاء مناقضًا لأصل ادعائهم المحبة,


(١) مجموع الفتاوى: (١/ ٩٥).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان - باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى، رقم الحديث: ٤٤٨.

<<  <   >  >>