تاه به المراد عن السبيل مع التلازم:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}.
هذا وقد أصاب الصاوي في منعه إرادة المناصب أو الكرامات أو النعم المؤجلة أيًا كانت لذاتها، وجعلها من معوقات الوصول إلى الإخلاص. أما مع وقوعها دون تشوق قلب فذلك فضل الله وهو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (عاجل بشرى المؤمن)(١).
وكان حديث الصاوي عن النفس مع أثر تجليات الأسماء عليها في الترقى للوصول إلى أعلى المقامات محل نقاش في بعض ما ذكر، ويمكن إجمال ما يلحظ إليه في النقاط التالية:
أولًا: أنه جعل صاحب النفس الملهمة التي وردت في قوله تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} في مقام الفناء الذي هو محل سكر واصطلام، فكان هذا من باب تحميل النص ما لا يدل عليه، فإن الفناء الذي يحمل صاحبه على السكر مقام نقص، فمن غير الممكن أن تجبل النفس على إرادته، وليس فيه مراعاة للتقوى والوجل - كما ذكر - بل كثيرًا ما يدعى أصحابه سقوط التكاليف واستواء المأمور بالمحظور لمشاهدة المشيئة الكونية، يصدق هذا من كلام الصاوي ما نقله عن أحدهم في مقام الفناء: فعلمك لا جهل وفعلك لا وزر.
وعليه فإن استدلاله بهذه الآية الكريمة على بلوغ النفس هذا المقام مما يرد عليه، ثم إن في نفس الآية ما يدل على مناقضة ما ذهب إليه لأن المراد بهذه الآية الكريمة بيان حقيقة النفس التي جبلها الله تعالى على معرفة الخير من الشر، حتى تقوم الحجة عليها ويصح تكليفها فلا حجة لها حينئذ في معصية الأوامر الشرعية وقد جبلت على تمييز الخير من الشر.
ثانيًا: أما تسمية النفس التي في مقام البقاء بالمطمئنة ففيه تفصيل، ويرجع إلى ما
(١) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الأدب البر والصلة والآداب - باب إذا أثنى على الصالح فهى بشري ولا تضره، رقم الحديث: ٦٦٦٣.