للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرع وخطأ في القول واللغة، فإن الاسم المجرد ليس هو كلامًا لا إيمانًا ولا كفرًا" (١).

فكيف يكون مثل هذا الكلام عمدة لأهل التحقيق والعبادة؟

ومن هنا فقد حكم العلماء ببدعية هذا الذكر ووجوب رده على محدثه، استنادًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) (٢).

هذا وقد شرع ذكر الحق لمن صحا من سكره لأنه يفيد معنى الثبات والبقاء، وكأنه يريد بذلك أن هذه الصفة مع كثرة ترديدها تنعكس معانيها على قائله فتكسبه الثبات بعد سكره وغيابه، ونقض هذا يرجع إلى ما سبق وأن بينته من أسماء الله تعالى حقيقة فيه ليس لأحد أن يشاركه فيها كما أنها لا تستفاد أحكامها ومعانيها اللازمة لأحد مهما كثر ترديده لها فالله سبحانه فرد أحد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فكل ما يناله العبد منها من آثار الإيمان بها، والتعبد بمقتضاها، إنما يتوقف على الأحكام المتعدية منها والتى ينالها أهل الإيمان بإيمانهم بها والعمل بما يلزم من ذلك الإيمان.

فإن الإيمان بأن الله هو الحق كما دلت على ذلك النصوص الشرعية يثمر الاعتقاد الجازم بأن الله هو الموجود الباقى إذا الحق من صفات الله تعالى التي تفيد الثبات وتفيد البقاء والوجود الذي لم يزل ولا يزال متصفًا بالجلال والجمال والكمال، فقوله حق وفعله حق ولقاؤه حق، وهو الحق الذي لا يعبد غيره، فكل ما عبد من دونه باطل زائل: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس: ٣٢] (٣).

فآثاره في قلب العبد يقينًا بوجود الله الذي لا يعتريه زوال فهو الأول والآخر،


(١) مجموع الفتاوى: (١٠/ ٣٩٧).
(٢) أخرجه الترمذي في سننه: كتاب الدعوات عن رسول الله - باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة، رقم الحديث: ٣٣٨٣: (٥/ ٤٣١).
(٣) انظر: النهج الأسمى: (٢/ ١٢ - ١٣).

<<  <   >  >>