أنزل الله بها من سلطان، كاستخدام الطبول والزمور والكاسات خصوصًا في مساجد الله، فقد أجاد - رحمه الله - ببيان بطلان هذه المحدثات وأن من ادعى ولايته على أساسها فهو موافق لطريقة الشيطان لا طريقة الرحمن.
وبهذا فالصاوي قد وافق منهج السلف الصالح في تحديد الطريق إلى الولاية، ومع ذلك فلم تمنعه هذه البداية المسددة من الانحراف في بقية مقتضيات الولاية ومستلزماتها، وسأقوم بتناول هذه الملاحظات على جهة الترتيب، كما أوردتها في أقواله:
١ - شروط الولي: إن ما ذكره الصاوي من أن الولى يشترط لصحة ولايته أن يتعمق في تقوى الله ومراقبته؛ حتى يستدل بالحق على الخلق، فحقيقته اعتقاد أن معرفة الله تعالى من أعرف المعارف أي من الضروريات، التي يستدل بها ولا يستدل لها، ومع التسليم له بهذه الحقيقة إلا أن هذا لا يخرج عن كونه فناء في ربوبية المولى، ولم يكن هذا هو المقصد الأعظم من إرسال الرسل وإنزال الكتب، بل حقيقة التوحيد الذي دعا إليه الأنبياء هو إفراد الله تعالى بالعبادة، قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.
وهذا يرجع إلى ما أسلفت الحديث عنه، من أن معرفة الله تعالى فطرية في النفوس، وإنما كانت الخصومة فيما تقتضيه هذه المعرفة، من وجوب إفراد الله بالعبادة على الطريقة التي شرعها، وأنزلها على أنبيائه ورسله.
بقى معرفة حقيقة الاستدلال على وجود الله بالخلق هل هو - كما يدعي الصاوي - من مسالك العوام في معرفة الله، دون الخواص من الأولياء؟
إن مصادر التلقي الشرعية، التي هي محور الاستدلال الديني، لتدل في الكثير من مواضعها على شرعية هذا المسلك، بل وعلى بيان فضله ومنزلة سالكيه، فالآيات والأحاديث في هذا كثيرة، مما يصعب استقصاؤه هنا، ولعلى اكتفى منها بقوله تعالى في سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ