والمتابعة، فإنه من الأحوال الشيطانية، التي يتوهم خرقها للعادة مع كونها من مقدور الثقلين: الجن والإنس: "ولهذا قال الأئمة: لو رأيتم الرجل يطير في الهواء، أو يمشى على الماء، فلا تغتروا به، حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهى، ولهذا يوجد كثير من الناس يطير في الهواء، وتكون الشياطين هي التي تحمله لا يكون من كرامات أولياء الله المتقين، ومن هؤلاء من يحمله الشيطان إلى عرفات فيقف مع الناس، ثم يحمله فيرده إلى مدينته تلك الليلة، ويظن هذا الجاهل أن هذا من أولياء الله، ولا يعرف أنه يجب عليه أن يتوب من هذا، وإن اعتقد أن هذا طاعة وقربة إليه، فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، لأن الحج الذي أمر الله به ورسوله لا بد فيه من الإحرام والوقوف بعرفة، ولا بد فيه من أن يطوف بعد ذلك طواف الإفاضة، فإنه ركن لا يتم الحج إلا به، بل عليه أن يقف بمزدلفة ويرمى الجمار، ويطوف للوداع، وعليه اجتناب المحظورات، وأمثاله يقع كثيرًا، وهى أحوال شيطانية، قال تعالى {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف: ٣٦](١).
وإذا علم هذا فإنه ليس بمستقيم أن تكون خرق العادات هي دليل الولاية والعلامة عليها - كما بين الصاوي - لأنه لم يتحقق حصولها لكثير ممن عرف بالصلاح والتقوى من أهل القرون الأولى، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن اعتمادها قد يؤدى إلى حصول اللبس عند كثير من غير المحققين، يقول شيخ الإسلام - رحمه الله - في بيان خطر هذا المعتقد على آحاد المسلمين: "فمنهم من يرتد عن الإسلام وينقلب على عقبيه، ويعتقد فيمن لا يصلى بل ولا يؤمن بالرسل بل يسب الرسل ويتنقص بهم أنه من أعظم أولياء الله المتقين، ومنهم من يبقى حائرًا مترددًا شاكًا مرتابًا، يقدم إلى الكفر رجلًا وإلى الإسلام أخرى، وربما كان إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمان، وسبب ذلك: أنهم استدلوا على الولاية بما لا يدل عليها، فإن الكفار والمشركين والسحرة والكهان معهم من الشياطين من يفعل بهم أضعاف أضعاف