فإن كان الأول: فليس في الآية دلالة على أنهم أمروا بالتوحيد والإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة معًا حتى يفيد المطلوب، فإن "الواو" ليس للجمع بصفة المعية، بل لمطلق الجمع وهو أعم منه ومن الجمع بصفة الترتيب، والدال على القدر المشترك بين الصورتين ليس فيه دلالة على ما يميز أحديهما عن الآخر، فجاء أن يكون الأمر بها على صفة الترتيب، ولا يجوز حمله على العموم، إذ ليس فيه ما يدل عليه، وبتقدير أن يكون فيه ما يدل عليه لا يجوز حمله عليه أيضًا، لأن حكاية الحال لا تفيد العموم ولا على عموم أمر الله، فإن تقدير ذلك يفيد المطلوب أيضًا على ما لا يخفى تقريره عليك، لأن أمرهم كان واقعًا على نمط واحد فلا يجوز حمله على غيره.
وإن لم يكن داخلاً فيها فهذا مع كونه باطلاً، لأنه يقتضي أن لا يكونوا مأمورين بالإيمان، إذ الآية تدل على حصر المأمور به لهم في الأشياء المذكورة، وهو باطل إجماعًا، إذ لا خلاف في أنهم مأمورون بالإيمان. و [إنما] النزاع في أن تقديمه هل هو شرط في الأمر بغيره من العبادات أم لا.
فالمقصود أيضًا غير حاصل، إذ ليس في الآية دلالة إلا على أنهم أمروا بهذه الأشياء، وأمرهم بها أعم من أن يكون بشرط تقديم الإيمان أولاً بهذا الشرط، والدال على العام غير دال على الخاص، فليس فيه دلالة على أنهم أمروا بالأشياء المذكورة من غير شريطة تقدم الإيمان.
ولا يقال: لو كان مشروطًا به لذكره لمسيس الحاجة إليه وإزالة اللبس، لأن ذلك إنما يجب فيما قصد فيه بيان الشرع لا في الأخبار.