اعلم أن الحكم إذا شرع للمناسبة فلابد وأن يكون محصلًا للمصلحة أو دافعًا للمفسدة، أو محصلًا للمصلحة ودافعًا للمفسدة معًا سواء علل أفعال الله أو لم تعلل [ثم كونه محصلًا] أو دافعًا إما يقيني أو ظني، أو يستوى فيه الأمران أعنى الحصول [أو] اللاحصول أو يترجح اللاحصول على الحصول فهذه أقسام:
أحدهما: ما يكون محصلًا للمصلحة يقينًا كالحكم بصحة البيع لحصول الملك وصحة التصرف.
وثانيها: ما يكون كذلك ظنًا كشرعية وجوب القصاص بالقتل العمد العدوان لإبقاء النفوس المعصومة، وصيانةً لها عن التلف، فإن ذلك ليس مقطوع الحصول؛ إذ يحصل إهلاكها مع شرعية القصاص لكن يغلب على الظن حصوله، إذ الظاهر من حال العاقل أنه لا يقدم على القتل إذا علم أنه يقتل بسببه.
وثالثها: ما يستوى فيه الأمران قيل: هو كشرعية وجوب الحد على شارب الخمر فإنه محصل لمصلحة حفظ العقل، لكن كونه كذلك يستوى فيه الأمران أعنى الوجود والعدم؛ لأنا نجد كثرة الممتنعين عنه مقاومة لكثرة المقدمين عليه من غير ترجيح وغلبة لأحد الفريقين في العادة وفيه نظر، ذلك أنا لو سلمنا ذلك فإنما كان كذلك للتهاون والتسامح في إقامة الحد فأما مع