يشترط أن يكون الراوي مسلما، فمن لا يكون كذلك ولم يكن من أهل قبلتنا كأهل الكتاب وغيرهم فإنه لا تقبل روايته إجماعا، سواء علم من دينه الاحتراز عن الكذب، أو لم يعلم، وسواء علم أنه عدل في دينه، أو لم يعلم؛ لأن قبول الرواية منصب شريف، وتكرمة عظيمة، والكافر ليس أهلا لذلك.
ومنهم من تمسك بقوله تعالى:{إن جاءكم فاسق} الآية، والفاسق هو المقدم على الكبيرة، والكفر أعظم الكبائر، فوجب أن لا يقبل.
ومنهم من قاس على المسلم الفاسق وقال: إذا لم تقبل رواية المسلم الفاسق فرواية الكافر أولى، وهما ضعيفان.
أما الأول، فلأن الفاسق - في عرف الشرع - مختص بالمسلم المقدم على الكبيرة.
وأما الثاني، فلأن رواية الفاسق إنما لم تقبل؛ لأن إقدامه على الفسق مع اعتقاد تحريمه يدل على جرأته على فعل المحرمات، وهو يبطل الثقة به، وهو غير حاصل في حق الكافر الذي هو عدل في دينه.
ولا يجاب عنه: بأنه لما ظهر تحريمه على وجه القطع بحيث لم يبق فيه ريب وشك جعل ذلك كاعتقاده للتحريم؛ لأن ذلك إنما يؤثر في مؤاخذته وعدم اعتبار جهله، لا أنه كاعتقاد التحريم في إبطال الثقة به.