ثم العلو أو الاستعلاء معتبر فيه على رأي من يعتبره في الأمر ومن لم يعتبره فلا.
ولا يعتبر فيه أن يكون حكيمًا، بل السفيه قد يكون آمرًا، بدليل أن السلطان، أو المتغلب السفيه إذا أمر وإن كان يظلم الرعية ويقتل النفس بغير حق يقال: إنه آمر بما لا ينبغي، ومخالفة يوصف بأنه خالف الأمر، فلولا أنه آمر لما كان هذا الإطلاق حقًا بطريق الحقيقة، لكنه حق إذ الأصل في الكلام / (١٦٣/أ) الحقيقة.
المسألة الثانية
[في الآمر الذي تجب طاعته]
الآمر الذي تجب طاعته ليس إلا الله تعالى، لأن النافذ إنما هو أمر المالك على المملوك ولا مالك سواه سبحانه فلا أمر وجب امتثاله إلا أمره تعالى، فأما النبي والسلطان والسيد والأب ونحوهم، فإنما يجب امتثال أوامرهم، لأنه تعالى أمر بامتثال أوامرهم، نحو قوله تعالى:{أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم}.
فوجب امتثال أوامرهم بإيجاب الله تعالى لا بإيجابهم ولولا إيجاب الله تعالى امتثال أوامرهم لم يجب امتثال أوامرهم، كما لا يجب امتثال أوامر غيرهم من المخلوفين القادرين على العقاب وتوعده على الترك فإذا لا يثبت وجوب الامتثال في أمر أحد إلا في أمر الله تعالى، أو في أمر من أوجب الله تعالى امتثال أمره.