القائلون بتخصيص العلة اختلفوا في أنه هل يجب على المستدل ابتداء التعرض لنفي المانع، أم لا؟ فذهب الأكثرون منهم إلى أنه لا يجب ذلك وهو الحق؛ لأن المستدل مطالب بذكر الدليل فقط، وليس ذلك إلا الوصف أو حكمته.
وأما نفي المانع فليس له مدخل في الإيجاب والتأثير، فلم يكن منه في شيء بل هو من قبيل نفي المعارض فلم يجب ذكره كما في نفي سائر المعارض، ولأنا لو أوجبنا ذكره في ابتداء الاستدلال فأما أن يجب نفي المانع المتفق عليه وهو باطل.
أما أولًا: فلأنه لا فائدة فيه، إذ من المعلوم أنه منفي عن الصورة التي وقع النزاع فيها؛ إذ يستحيل وقوع النزاع مع تحقق المانع المتفق عليه.
وأما ثانيًا: فلأنه لا يحصل به الغرض أذ لا يلزم من نفيه ثبوت الحكم، لاحتمال أن يكون له مانع آخر، أو يجب نفي جميع الموانع وهو أيضًا باطل، أما أولًا فبالاتفاق.
وأما ثالثًا: فلأن ايجابه ضرر وعسر؛ إذ لا يجوز له ذلك إلا بعد أن يحصل له غلبة الظن بذلك بعد الاستقراء والتفتيش التام، ولا يكفي في ذلك التمسك بالأصل من غير فحس كما في حق المجتهد، ولما بطل القسمان بطل القول بوجوب التعرض للنفي.
ومنهم من أوجب ذلك محتجًا بأن المستدل مطالب بما يكون معرفًا للحكم، والمعرف للحكم ليس ذلك الوصف فقط بل هو مع عدم المانع وإذا كان كذلك وجب ذكرهما معًا، مقتضي هذا الدليل وجوب الغرض لنفي كل الموانع في الابتداء إلا أن إيجاب ذلك لما يفضي إلى العسر والمشقة كما ذكرتم لم يكن القول به لمعارضة الأدلة النافية للعسر والحرج إياه فأما ذكر المانع المتفق عليه لا يفضي إلى ذلك فوجب ذكره.
وجوابه: النقض بنفي مخصص العام ونفي غيره من المعارض.