في إقامة الدلالة على أن المناسبة دالة على كون الوصف علة الحكم.
فنقول: الدليل على ذلك وجهان:
أحدهما وهو مبنى على مقدمات:
إحداهما: هي أن الأحكام مشروعة لمصالح العباد، يدل عليها وجوه:
أحدها: الإجماع وتقريره من وجهين:
أحدهما: أن العقلاء مجمعون على أنه تعالى حكيم، والحكيم هو الذي [يكون] فعله لمصلحة فمن يفعل لا لمصلحة سواء كان لمفسدة أو لم يكن لها أيضًا لم يعد حكيمًا/ (١٧٩/ أ).
وثانيهما: أن أئمة الأمصار في جميع الأعصار من أئمة الفقه مجمعة على أن أحكام الله لا تخلو عن حكم مقصودة عائدة إلى العبيد لاستحالة عودها إلى الله تعالى، وإن اختلفوا في كون ذلك بطريق الوجوب كما يقوله القائلون بالتحسين والتقبيح، أو بحكم التفضل والوقوع كما يقوله من لم يقل به.
وفي هذا التقرير نظر؛ وذلك لأن من لم يقل من الأئمة بالقياس ربما لا يساعده على هذا، فإن الأحكام عنده غير معقولة المعنى بل ربما زعم بعضهم أنها على خلاف المعقول فكيف يحصل منهم الإجماع على ما ذكر؟ نعم يصح ذلك على رأى القائلين بالقياس.