وثانيها: أن تخصيص الواقعة المعينة بحكم معين إن لم يكن لمرجح لزم ترجيح أحد الجائزين على الآخر من غير مرجح وهو محال، وإن كان لمرجح فذلك المرجح يستحيل أن يعود إلى الله تعالى.
أما أولًا: فبالإجماع.
وأما ثانيًا: فلأنه حينئذ يلزم أن يكون مستكملًا بذلك المرجح لأن كل من كان فاعليته لأمر يعود إلى نفسه كان ناقصًا في نفسه مستكملًا بذلك الأمر وهو ممتنع في حقه تعالى فيتعين أن يكون لمرجح يعود إلى العبيد، وهو إما المصلحة أو المفسدة، أو لا المصلحة ولا المفسدة، والقسمان الأخيران باطلان بالإجماع فيتعين الأول.
فإن قلت: ففعله لأمر يعود إلى العبيد إن لم يكن له فيه غرض بل وجوده وعدمه بالنسبة إلي سواء لزم الترجيح من غير مرجح، وإن كان له فيه غرض عاد حديث الاستكمال.
قلت: غرض الإحسان إلى المحتاجين لا يعده العقلاء نقصًا بخلاف غرض النفس فإنه يعد نقصًا.
وثالثها: لو شرع الله تعالى الأحكام لا لمصلحة تعود إليه تعالى ولا إلى العبيد لكان إما عابثًا أو ظالمًا؛ لأنه إن لم يفعله لغرض ما لزم الأول، أو لغرض إضرارهم لزم الثاني وهما باطلان.
أما أولًا فبالإجماع فإن العقلاء بأسرهم أجمعوا على أنه تعالى ليس بعابث ولا ظالم.
وأما ثانيًا: فلقوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا}، {ربنا