ذهب بعض أصحابنا أن الوصف الشبهي إذا لم يعرف تأثير عينه في عين الحكم بل عرف تأثير جنسه القريب في الجنس القريب للحكم لا يكون حجة. وخالفه الباقون وهو المختار.
وهذا النزاع إنما يتصور إذا لم يفسر الشبه بالتفسير الذي قبل التفسير الأخير، فأما إذا فسر به فلا، فإنه عين الشبه فلا يتصور النزاع في حجيته على تقدير حجية الشبه.
لنا: أنه وإن لم يفد الظن الذي يفيده ما عرف تأثير عينه في عين الحكم، لكنه يفيد قدرًا من الظن؛ لأنا لما عرفنا أن الحكم لابد له من علة، وأن العلة: إما هذا الوصف، أو غيره ثم رأينا أن جنس هذا الوصف أثر في جنس ذلك الحكم، ولم نر هذا لمعنى حاصلًا في غيره من الأوصاف ولا شك أن ميل القلب إلى كون ذلك الوصف على أقوى من ميله إلى غيره والعمل بأقوى الظنين واجب فالعمل بهذا الظن واجب.
احتج الخصم بوجهين:
أحدهما: أن الظن الحاصل من تأثير عين الوصف الشبهي في عين الحكم ضعيف جدًا؛ ولهذا لم يقل بحجيته أكثر الأصوليين، فإذا انحط عن هذه الرتبة إلى رتبة تأثير جنسه في جنس الحكم لم يبق منه شيء، أو وإن بقى منه شيء يسير لكنه لم يجز العمل به، كما لم يجز العلم بالظن الذي ينشأ من أدني خيال وقرينة.