وأما الدلالة اللفظية: فلأن الإطعام من الأفعال التي يتعدى إلى مفعولين، ويجوز الاقتصار على أحدهما إذ يجوز أن يقول: أطعمت زيدا ولا يقول: ما أطعمته، ويجوز أن يقول: أطعمت الطعام، ولا يقول: ما أطعمته، والأصل في هذا النوع من الفعل إذا ذكر أحد مفعوليه أن يذكر ما هو الأهم في غرض المتكلم، فذكر عدد المساكين يشعر بزيادة اعتبار الشارع به إشعارا/ (٣١٧/ب) ظاهرا، فتركه عن درجة الاعتبار وجعله كالمسكوت عنه، و"اعتبار المسكوت عنه، وجعله كالمذكور خلاف ظاهر الكلام وفصاحته ودخوله في هجنته وركاكته، وكلام الله تعالى يصان عنه.
المسألة الرابعة
من التأويلات البعيدة تأويل يخالف ظاهر اللفظ، وما أشعر به اللفظ من التعليل، نحو تأويل أبي حنيفة- رضي الله عنه- قوله تعالى:} ولذي القربى {فإنه صرفه عن العموم حيث اعتبر الحاجة فيهم، في جواز صرف ما يصرف من الغنيمة إليهم المضاف بلام التمليك إليهم من غير اعتبار الحاجة فيهم، وألغى ما أشعر به اللفظ من تعطيل وجوب الإعطاء بالقرابة لشرفها وتعظيمها وجلالة قدرها، ولذلك حرك عليهم الصدقة التي هي الطهرة المأخوذة على وجه الذل. لأن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بعليته