أعلم أن المعتبر في ذلك أن يكون المكلف متمكنًا من استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها الشرعية، ولا تحصل له هذه المكنة إلا بأمور:
أحدها. أن يكون عارفًا بمعاني الألفاظ ومقتضياتها؟ لأنه لو لم يعرف ذلك لم يفهم منه شيئًا، ولما كان اللفظ قد يفيد معنى بحسب المطابقة، أو التضمن أو الالتزام، وكل واحد منهما إما بحسب الوضع اللغوي أو العرفي، أو الشرعي، وجب أن يعرف هذه الدلالات بهذه الاعتبارات، وكذلك يجب عليه أن يعوف سائر وجوه دلالات اللفظ كدلالة اقتضائه، وإشارته، وايمائه، ومفهومه المخالف، والموافق، وكذلك يجب عليه أن يعرف [ما يتعلق بها من أحكام هذه الدلالة نحو أن يعرف]، ما يجوز منها أن يجتمع صمع مع الأخرى، وما لا يجوز، وأن التي يجوز الاجتماع بينها يجب أن يحصل اللفظ عليها بأسرها عند تجرده عن القرينة المعينة لإحدى الدلالات منها.