الثاني فيما اختلف في صدقه من طرق صدق الخبر بالغير المتواتر وفيه مسائل.
المسألة الأولى
اختلفوا في أن القرائن إذا احتفت بخبر الواحد، هل تدل على صدقه أم لا؟
فذهب النظام، وإمام الحرمين، والغزالي، والإمام إلى أنه يفيد وهو المختار.
وذهب الباقون إلى أنه لا يفيد.
احتج القائلون بأن احتفاف القرائن بالخبر يفيد العلم: بأن الإنسان إذا سمع أن السلطان تغير اليوم على وزيره، واغتاض منه وأهانه، ثم إنه رأى الوزير خارجا من باب داره ماشيا وعليه من الذل والمسكنة وأثر الخوف والخجل ما يناسب لما سمع، وحواليه أعوان السلطنة كالمرتمين عليه وهم ذاهبون به إلى صوب حبس السلطان، ورأى عدوه نزل في بيته، وتصرف في ماله وخدمه، ورآه يباشر شغله فإنه يقطع بصدق / (٦٦/أ) ما سمع، ولا يجد من نفسه في ذلك شكا وارتيابا وإن شكك فيه، وكذلك إذا سمع من شخص أنه عطشان، ثم رأى منه العطش نحو يبس اللسان، وخروجه عن الفم،