اعلم أن خبر الواحد إذا ورد مخالفا لدليل آخر، فإما أن يكون ذلك الدليل مقطوعا به، أو مظنونا.
فإن كان الأول فهو إما عقلى أو سمعي.
فإن كان عقليا نظر: فإن كان ذلك الخبر المخالف له قابلا للتأويل القريب الذي إذا سمعه أهل اللسان لم ينب عنه طبعه وجب تأويله، جمعا بين الدليلين، وإلا قطعنا بكذبه؛ لأن الدليل العقلي لا يحتمل الصرف عما دل عليه بوجه من الوجوه لا بالتخصيص، ولا بالتأويل، ولا بغيرهما فإذا لم يقطع بكذبه، أي أنه ليس من الشارع، لزم وقوع الكذب منه وأنه ممتنع.
وإن كان الثاني وهو أن يكون ذلك الدليل القطعي سمعيا فلا يخلو إما أن تكون المخالفة بحيث لا يمكن الجمع بينهما، أو يمكن، فإن لم يمكن الجمع بينهما فالحكم ما سبق، وإن كان ذلك الدليل قياسا.
هذا إذا علم تأخير المظنون عن المقطوع أو لا يعلم التاريخ فيهما؛ إذ لا يجوز الحمل على النسخ، فإن نسخ المقطوع بالمظنون غير جائز شرعا، وان كان جائزا عقلا؛ إذ لا يمتنع عقلا أن يقول الشارع: كلفتكم أن تعملوا بالكتاب والسنة المتواترة ما دام أن لا يرد بعده ما يناقضه، فإذا ورد ذلك بعده فقد كلفتتكم أن تعملوا بالكتاب والسنة المتواترة ما دام أن لا يرد بعده ما يناقضه، فإذا ورد ذلك بعده فقد كلفتكم بمقتضاه، وإن كان مظنونا فإن علم تأخير المقطوع عنه حمل على أنه منسوخ به، ولا يقطع بكذبه مع عدم إمكان الجمع لتحقق شرط النسخ.