معرض التحدي بحضرة جمع عظيم، وقد تكرر ذلك منه مرارا وشاهد ذلك المصدق والمكذب فلذلك صار متواترا.
وهو الجواب أيضا عن معجزات أكثر الأنبياء؛ فإن الذي شاهدوا تلك المعجزات ربما كانوا قليلين، فإنهم ما كانوا يظهرونها مستدلين بها على نبوتهم؛ إذ لم يدعوا إلى أنفسهم وإلى شريعتهم بل إلى شرائع من كان قبلهم من الأنبياء فهم كالخلفاء والأئمة لهم فذلك ما كان يجتمع لها الناس؛ فلذلك لم يتواتر نقله، ولو سلم أن المشاهدين كانوا عددا يحصل بنقلهم التواتر، وأنهم كانوا يظهرونها في معرض التحدي، لكنهم انقرضوا ولم يبق من أممهم بقية [حتى كان يبقى متواترا فلعله ما دام بقي من أممهم بقية] ثم صار من باب الآحاد؛ لانقراضهم وعدم الاعتناء من جاء بعدهم بنقله. فإن قلتم بمثل هذا الاحتمال في النص الجلي على إمامته - رضي الله عنه -[سقطت الحجة به لأنه يصير من باب الآحاد فلا يمكن الإثبات به] وهو الجواب بعينه عن الوقائع العجيبة التي اتفقت لهم وللأمم الماضية بل عدم نقلها وتواترها أولى؛ لأنه لم يتعلق به غرض من أغراض الدين، وهذا بخلاف النص الجلي على إمامة علي - رضي الله عنه - فإنه يتعلق به غرض أصلي من أغراض أصول الدين.
المسألة الثالثة
الخبر الذي يروى في وقت قد استقرت فيه الأخبار، فلم يوجد بعد الفحص والتفتيش في بطون الكتب، ولا في صدور الرواة ولا يعرفه أحد من النقلة بوجه من الوجوه: علم قطعا أنه كذب، إذ لا طريق إلى حصوله إلى الخلف إلا من النقلة أو من الكتب، فإذا لم يوجد فيهما علم كذبه قطعاً.