فإن قلت: إنا وإن لم نشترط في تحقق ماهية الوجوب تحقق العقاب على الترك، لكن لا نزاع بأنه لو تحقق ذلك على ترك الشيء لكان ذلك الشيء واجبًا لا محالة، لأنه لا يضاف تحقق العقاب إلى ترك ما ليس بواجب.
فعلى هذا أوامر المتعلين ولو كان بالظلم واجب الامتثال، إذا قرنها بالتوعد بالعقاب، وهو قادر عليه.
قلت: نعم يكون كذلك، والذي يدل عليه أن العربي الغير الفارق بقبح المأمور به أو حسنه، إذا سمع من متغلب الأمر بالشيء مقرونًا بالتوعد وهو قادر على تحصيل مضمونه فإنه يسميه أمر او يعلل عقاب مخالف ذلك الأمر بمخالفته، فلولا أنه أمر لما كان كذلك، لكن عادة أهل العلم جارية بتخصيص اسم الأمر بما يكون تركه سببًا للضرر الذي يحذر منه في الآخرة ولا قدرة عليه إلا الله تعالى.
المسألة الثالثة
وجوب فعل المأمور به على المأمور لا يتوقف على كون الآمر حكيمًا وعلى كون أمره مشتملاً على النفع خلافًا للمعتزلة وهي من تفاريع قاعدة التحسين والتقبيح وقد تكلمنا فيها عليها ولها ما فيه مقنع وبلاغ فلا نفرد هذه المسألة بالكلام، فإن إفسادها يغني عن إفساد هذه المسألة.