الوصف الذي جعل علة الحكم بمعنى الباعث لا شتمالها على الحكمة يجب أن لا يمكن بمثابة يلزم منه إثبات الحكم، أو نفيه مع القطع بانتفاء الحكمة أو تحققها في صورة.
مثاله: ضبط الحنفية لما يجب به القصاص وعدمه بالجرح وعدمه أو نفيه.
فنقول: لا شك في أن القصاص إنما وجب لصيانة النفس المعصومة عن الفوات، فلو ضبط وجوبه وعدم وجوبه بمجرد الجرح للزم وجوب القصاص في حق من جرح ولم يقتل، أو قتل بما يقتل قطعا أو غالبا ولم يخرج ممتنع لكونه يخالف] مقتضى الحكمة التي في صيانة النفس.
فإن قلت: الأول غير لازم لأنا لا نضبطه [بمجرد الجرح، بل بجرح يؤدي إلى القتل، أو يحصل عقيبه فوات النفس، وذلك غير حاصل في الصورة التى فوضتموها.
قلت: نحن إنما نورد ذلك على من أطلق القول في ذلك على ما هو المشهور من أصحابكم، فأما من قيده بما ذكرتم، فيرد عليه ما إذا جرح من غير قصد إلى الفعل، أو وأن قصد الجرح لكنه لا يقتل فلا يحصل فوات النفس عقيبه على الندرو، كما إذا غرز إبرة في العقب ومات عقبه من غير أن يعقبه ألم ولا ورم، فها هنا حصل فوات النفس عقيب الجرح مع عدم وجوب القصاص، ولو التزم الخصم وجوب القصاص في هذه الصورة فبعيد جداً.