القائلون بأن الإجماع حجة اتفقوا على أنه لا يعتبر في الإجماع اتفاق جميع الأمة من وقت الرسول - عليه السلام - إلى يوم القيامة، وسببه ظاهر، فإنه لو اعتبر ذلك لسقطت فائدة شرعية كون الإجماع حجة، فإنه لو كان حجة حينئذ، فإنما يكون حجة إلى ما بعد يوم القيامة لاستحالة حصوله قبل يوم القيامة، وما بعده لا حاجة إليه لعدم الاحتياج إلى الاستدلال بل لا يتصور أن يكون حجة، لأن التكاليف بأسرها مرتفعة فيه.
وأجمعوا أيضًا على أنه لا يعتبر فيه قول الخارج عن الملة؛ لأن الأدلة دالة على اعتبار قول المؤمنين والأمة لا غير، والأمة في عرف الشرع الذين قبلوا دين الرسول - عليه السلام - فمن كان خارجًا عن الملة لا يكون مؤمنًا، ولا من الأمة فلا يعتبر قوله، لعدم ما يدل على اعتباره.
واتفقوا على اعتبار قول المجتهدين؛ لأن أدلة الأجماع متناولة لهم، ولم يدل دليل آخر على عدم إرادتهم، فوجب اعتبار قولهم وإن كان في بعضهم كالعاصي والمبتدع خلاف على ما تقدم.