المجتهد إذا اعتقد في الأصول ما يوجب تكفيره لا يعتبر قوله في انعقاد الإجماع وفاقًا لا نعرف في ذلك خلافًا، لكن لا يمكن الاستدلال بإجماعنا على كفره بسبب ذلك الاعتقاد، لأنه إنما ينعقد إجماعنا وحده على كفره أن لو ثبت كفره، فإثبات كفره بإجماعنا وحده دور.
وأما إذا وافقنا هو على أن ما ذهب إليه كفر فحينئذ يثبت كفره لا لأن قوله معتبر في الإجماع؛ لأنه حينئذ يكون كافرًا، وقول الكافر غير معتبر في الإجماع، ولا لإجماعنا وحده لما سبق. بل لأنه لو لم يكن ما ذهب إليه كفرًا إذ ذاك لزم أن يكون مجموع الأمة على الخطأ، وعلى الاعتقاد الغير المطابق وأدلة الإجماع تنفيه.
وأما إذا اعتقد ما لم يوجب التكفير، بل يوجب التبديع والتضليل، فها هنا اختلفوا في اعتبار قوله في الإجماع:
فمنهم من اعتبره وهو الصحيح؛ لأنه من جملة المؤمنين والأمة، وهو متصف بأهلية الاجتهاد، غايته أنه مبتدع نضلله في ذلك الاعتقاد، لكن ذلك لا يخل بأهلية اجتهاده، ولا يبطل الثقة عن أخباره مطلقًا، إذا كان من مذهبه أنه لا يجوز الكذب لا سيما فيما يخبر عما أدى إليه اجتهاده، فإن