للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتراز الإنسان عن الكذب في ذلك أكثر، لما فيه من الكذب ونسبة الباطل إلى نفسه فإن عندما أدى اجتهاده إلى شيء يعتقد أن ما وراءه باطل، وإذا كان كذلك وجب اعتبار قوله في انعقاد الإجماع سواء كان بالنسبة إليه، أو بالنسبة إلى غيره. نعم لو كان من مذهبه جواز الكذب ولم يقترن من القرائن ما يدل على صحة ما يخبر عن اجتهاده لم يعتبر إخبارهما أدى إليه اجتهاده؛ لأنه لم تحصل الثقة بقوله، لكن ذلك لا يخل بأهلية الاجتهاد، فلا ينعقد إجماع قبل معرفة وفاقه، فإذا أخبر عن نفسه بأنه أدى اجتهاده على خلاف ما ذهب إليه الباقون لم ينعقد الإجماع، لا لأنه تحقق الخلاف بل لأنه لم يتحقق الاتفاق.

ومنهم من لم يعتبر قوله مطلقًا مصيرًا منه بأنه فاسق، والفاسق غير مقبول القول، لآية التبين، فكان كالكافر في عدم اعتبار وفاقه، غايته أنه جاهل بفسقه وهو ضم جهل إلى فسق، وهو غير موجب لاعتبار وفاقه كالكافر الذي لا يعلم أن ما ذهب إليه كفر بل يعتقد أنه الدين الحق.

وهو ضعيف، لأنا لا نسلم أن كل فاسق غير مقبول القول، بل الفاسق الذي هو غير متأول وهو عالم بفسقه، وأما الذي لا يكون كذلك فلا نسلم عدم قبول قوله.

وأما آية التبين فمخصوصة على ما ستعرف ذلك في الأخبار إن شاء الله تعالى.

ولئن سلمنا أنه غير مقبول القول لكن لماذا لا يعتبر وفاقه؟

والقياس على الكافر غير صحيح، لوجود الفرق فإن ما يدل على حجية

<<  <  ج: ص:  >  >>