وعن الرابع: أنا لا نقول: بامتناع التكليف بمثل فعله حتى يكون ما ذكرتم ورادًا علينا، بل نقول: إن المأمور إذا فعل المأمور به على نحو ما أمر به امتنع وجوب القضاء بعده والأمر مشعر به بواسطة الامتثال على الوجه الذي سبق تقريره.
وإنما أوردنا هذه المسألة في هذا الفصل مع أن ظاهرها يقتضي إيرادها في فصل المأمور به، لأنها من مقتضى الأمر حقيقة إذ يقال: الأمر يقتضي الإجزاء / (١٥٧/أ) بالمأمور به.
المسألة الخامسة عشرة
[الأمر بالشيء نهي عن ضده]
اعلم أنه لا نزاع في أن الأمر بالشيء نهي عن تركه بطريق التضمن، نهي تحريم إن كان الأمر للوجوب، أو نهي تنزيه وكراهة، إن كان للندب.
لكن اختلفوا في أنه هو نهي عن ضده [الوجودي أم لا؟.
فذهب بعض المتكلمين منا والقاضي أبو بكر فيما يروى عنه أولاً: إلى أن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده]، لا بمعني أن صيغة تحرك مثلاً عين صيغة لا تسكن فإن ذلك معلوم الفساد بالضرورة، بل بمعني أن المعني المعبر عنه بتحرك عين المعني المعبر عنه "بلا تسكن".
وقالوا: إن كونه أمرًا ونهيًا بالنسبة إلى الفعل وضده الوجودي ككون "الحركة" قربًا وبعدًا بالنسبة إلى الجهتين، وفساده قريب من فساد الأول،