التكذيب لرغبة أو رهبة غير ممتنع عادة، وأما قولكم: نفرض الكلام حيث لا مانع من التكذيب فلا نسلم إمكانه على وجه القطع بل على وجه غلبة الظن وذلك لا يفيد القطع بالصدق.
سلمنا وجوب علم الكل لكن لا نسلم امتناع سكوتهم لمانع، ولا نسلم أنه لا يعمهم من الرغبة والرهبة لما يحلمهم على الكتمان على وجه القطع، إذ لا امتناع في أن يكون المخبر ممن يخاف شره لسعاية، أو تقول، وافتراء فيسكتوا عن تذيبه.
المسألة الثالثة
إذا أخبر واحد بين يدي الرسول - عليه السلام -، وسكت الرسول - عليه السلام - عن تكذيبه، وعلم عدم ذهوله عليه السلام عما يقوله فهل يدل ذلك على صدقه أو لا؟
اختلفوا فيه:
فذهب جمع إلى أنه يدل على صدقه مطلقا؛ لأنه لو كان كذبا لأنكره الرسول - عليه السلام - وإلا كان مقرا له على الكذب، وموهما لتصديقه وهو غير جائز منه - عليه السلام -.
وأنكره بعضهم مطلقا، والحق فيه التفصيل وهو: أن ذلك الخبر إما أن يكون خبرا عن أمر ديني، أو دنيوي:
فإن كان خبرا عن أمر ديني فهو يدل على صدقه لكن بشروط:
أحدها: أن لا يكون قد تقدم بيان ذلك الحكم؛ فإن بتقدير أن تقدم بيانه لا يكون السكوت دليل الصدق؛ لاحتمال أن يكون السكوت إنما كان