فإن قلت: ذلك إنما يلزم في العلة بمعني "المؤثر" أو الداعي أما بمعني "المعرف" فلا؛ وهذا لأن الباري تعالى كان موجودًا قبل العالم، ويبقي كذلك بعد فنائه مع أنه معرف لوجوده تعالى.
قلت: إن ذلك وإن كان جائزًا في مطلق المعرف لكنه غير جائز في الأحكام الشرعية وإلا لزم التكليف لما لا يطاق؛ لأن الحكم بعد ذهاب الوصف لا دليل عليه، والتكليف بما لا دليل عليه تكليف لما لا يطاق ولأن الوصف إذا لم يكن مؤثرًا ولا مناسبًا ولا شبه فيه ولا غيره من أمارات العلية كان وصفًا طرديا بالتفسير الثاني، وقد ثبت أنه لا يجوز التعليل به، فلا يجوز بالوصف الذي شأنه ما ذكرناه، فيكون عدم التأثير قادحًا في العلية.
المسألة الثالثة
في أن العكس غير واجب في العلة عقلية كانت أو شرعية عند المعتزلة وبعض أصحابنا كالإمام، وقال قوم أنه واجب مطلقًا.
ومنهم من فصل بين العقلية والشرعية فأوجب في الأول دون الثاني وهو قول أكثر أصحابنا.
ومنهم من قال يجب ذلك في المستنبطة دون المنصوصة.
وقال الشيخ الغزالي- رحمه الله-:" الوجه في المسألة وهو أن يقال: الحكم إن لم يكن له إلا علة واحدة فالعكس لازم لا لأن انتفاء العلة يوجب