في أن مناسبة المصلحة تبطل وتحرم بمناسبة مفسدة مساوية أو راجحة، وقال قوم لا تبطل وهو اختيار الإمام.
[والمعني] من انخرامها وبطلانها: أن لا يقضى العقل بمناسبتها للحكم إذ ذاك فلا يكون لها أثر في اقتضاء الأحكام، لا أنه يلزم خلو الوصف عن استلزام المصلحة وذهابها عنه فإن ذلك لا يكون تعارضًا.
لنا وجوه:
أحدهما: أنه لو لم تبطل مناسبة المصلحة بمناسبة مفسدة مساوية أو راجحة لكانت معمولة بها إذ هو معناه أو لازمه، وحينئذ إن عمل بها وحدها يلزم إما ترجيح أحد المتساوين على الآخر، أو ترجيح [المرجوح على الراجح]، وكلاهما ممتنع عقلًا، أو بهما معًا وحينئذ يلزم الجمع بين الأحكام المتضادة وهو ممتنع أو خلاف الأصل.
وثانيها: أن العقلاء لا يعدون فعل ما فيه مفسدة مساوية للمصلحة أو راجحة عليها مصلحة بل يعدونه عبثًا، والعبث غير معدود من المناسب فلا يكون فعله مناسبًا.
وثالثها: أن صريح العقل حاكم بأن دفع المفسدة أهم من جلب المصلحة