الرجل الذي تنزل به الواقعة إن كان عاميًا صرفًا جاز له الاستفتاء على ما تقدم تقريره.
وإن كان عالما ولكن لم يبلغ درجة الاجتهاد والإفتاء لغيره إن جوز ذلك كما هو المعتاد هذا الزمان فالأظهر أنه يجوز له الاستفتاء أيضًا، لأنه عامي بالنسبة إلى معرفة ما يوجب الحكم المطلوب فجاز له الاستفتاء كالعامي الصرف.
ومنهم من لم يجوز له ذلك بل يوجب عليه أن يعرف ذلك الحكم بدليله، ولو أنه بالمراجعة إلى المفتين، لأن له صلاحية معرفة طرق الأحكام بخلاف العامي فإنه ليس له ذلك فكان يجب عليه ذلك.
وبالجملة الخلاف ها هنا أولى من العامي الصرف لكونه عالمًا الفنون.
وإن كان عالما بلغ درجة الاجتهاد فإن اجتهد في الواقعة وأدى اجتهاده إلى حكم لم يجز له الرجوع إلى غيره في تلك الواقعة إجماعًا.
لأن لم يجتهد فيها فهاهنا اختلفوا فيه.
فذهب أكثر أصحابنا وجمع من الأصوليين كالقاض أبى بكر إلى أنه لا يجوز للعالم تقليد غيره مطلقًا سواء كان من الصحابة أو من غيرهم، وسواء كان أعلم منه أو لم يكن.