والواقع لم يبق للتقدير معنى وفائدة، وأما قوله: لا معنى للدين إلا أن الشرع مكنه من المطالبة بذلك القدر من المال إما حالا أو مالا فغير جيد؛ لأن ما ذكره أثر الدين لا نفسه، وأثر الشيء غير الشيء، فلا يكون الدين عبارة عنه، نعم لا حاجة إلى تقدير وجوده في الذمة لأن المطالبة الثابتة حالة عدمه لا يقتضي ذلك.
المسألة الثالثة عشرة
في تقسيم العلة باعتبارات أخر غير ما تقدم وهو من وجوه:
أحدها: العلة لا يخلو إما أن يكون لها حكم واحد، أو لا يكون لها حكم واحد بل يكون حكمها متعددا، وحينئذ اما أن تكون متماثلة أو مختلفة، أو متضادة. فهذه أقسام أربعة:
أحدها: أن يكون حكمها واحدا، وهو كالقتل الخطأ إذا اعتبرته بالنسبة إلى ذات واحد فإن حكمه إيجاب الدية فقط.
وثانيها: أن يكون حكمها متعددا لكنها متماثلة وهذا إما أن يكون في ذات واحدة، أو في ذاتين.
والأول: محال؛ لاستحالة اجتماع المثلين.
والثاني: جائز وهو كالقتل الخطأ إذا اعتبرته بالنسبة إلى ذاتين فإنه يوجب لكل واحد منهما ما لا على القاتل.
وثالثها: وهو أن يكون لها أحكام مختلفة، غير متضادة، وهذا جائز سواء كان بالنسبة إلى ذات واحدة كالحيض يوجب تحريم الصوم والصلاة والإحرام بالحج والوطء، أو بالنسبة إلى ذاتين وهو ظاهر.