وفيه نظر، أما الأول: فلأن الحكم عندنا ليس مجرد تعلق الخطاب، وإلا لزم أن يكون حادثا، فإن التعليق حادث، وقد اعترف الإمام به.
وأيضا: فإنه فسر الحكم في أوله كتابه بالخطاب المتعلق بأفعال المكلفين فإنه غير مجرد التعلق. فكيف يكون الشيء الواحد عبارة عن نفس الغيرين.
سلمنا صحة تفسير الحكم بمجرد التعلق، لكن لا نسلم أنه لا حاجة له حينئذ إلى معنى محدث؛ وهذا لأنه حينئذ يكون حادثا فيكون مفتقرا إلى سبب حادث، ثم هو منقوض بالأحكام المعللة بالأسباب والعلل الحادثة، فإن ما ذكره ينفي الجواز لا الحاجة فقط.
فإن قال: معنى التعليل في تلك الصور التعريف.
قيل بمثله فيما نحن فيه، فعند هذا يرد عليه أن يقال: الأمر الاعتباري لا يكون أشد محذورا من العدم، فإذا جاز التعليل بالعدم بمعنى المعرف جاز التعليل بالأمر الاعتباري بذلك المعنى أيضا؛ لأنه مثله أو أولى منه بذلك.
وأما الثاني: فهو ضعيف أيضا؛ لأنه يقتضي أن لا يجوز التعليل بالوصف؛ لأنه يمكن أن يقال: المؤثر في الحكم جهات المصلحة [و] المفسدة، فلا حاجه فيه إلى الوصف وهو خلاف الإجماع؛ لأن التعليل بالوصف جائز اجماعا، سواء جاز التعليل بالحكمة أو لم يجز.
وأما الثالث: فهو أيضا من نسق ما تقدم؛ إذ ليس معنى قولنا: أن التقرير يجب أن يكون على وفق الواقع أن المقدر يعطي حكم الواقع أن لو كان موجودا حتى يلزم ما ذكرتم، بل معناه: أنه يعطي حكم سبب موجود.
سلمنا ذلك لكن ذلك فى غير ما قدر فيه فإنه لو أعطى فى ذلك أيضاً حكم