يجوز أن تثبت الأحكام الشرعية بأسرها بالنصوص؛ إذ لا امتناع في أن ينص الشارع على الأحكام الكلية بحيث لا يشذ فرد من افرادها عنها.
وأما إثباتها بالقياس فممتنع لوجهين:
أحدهما: أن القياس لا يتم إلا بعد ثبوت حكم الاصل فإثبات حكمه إما بالنص، أو بالقياس فإن كان الأول فقد حصل الغرض، وهو أنه لم يمكن إثبات كلها بالقياس، وإن كان الثاني فالكلام في أصله كالكلام فيه فيلزم إما التسلسل، أو الدور وهما محالان، فيلزم إثبات حكم الأصل بالآخرة بغير القياس، وهو المطلوب.
وثانيهما: أن جملة من الأحكام تعبدية لا يعقل معناها كمقادير العبادات، وكيفياتها، وكمياتها، ومواقيتها، ونصب الزكوات،.فإثبات تلك الأحكام بالقياس غير ممكن.
واحتج المخالف: بأن الأحكام من حيث الحكم متماثلة، وما صح على الشيء صح على مثله، وإذا جاز إثبات بعض منها بالقياس جاز إثبات البعض الآخر به.
وجوابه: النقض بأفراد الأنواع المختلفة المندرجة تحت جنس واحد فإنها متماثلة من حيث الجنس مع أنه لا يصح على كلها ما صح على بعضها.