وإن كان الثاني: كان أصل القياس الأول نقضًا على تلك العلة؛ لأن ذلك الوصف حاصل فيه مع عدم ذلك الحكم.
وهذا غير جامع لأنه مخرج منه ما يكون من القلب في غير القياس، ومعلوم أن القلب غير مختص بالقياس، فإن أراد تعريف نوع خاص منه وهو الذي يكون في القياس صح.
إذا عرفت هذا فاعلم أن الذي يبحث فيه في هذا المقام فإنما يبحث فيما يتعلق بالقلب المختص بالقياس دون غيره.
[المسألة الثانية]
اعلم أن من الناس من أنكر إمكان القلب على الوجه الذي تقدم تعريفه محتجًا بوجهين:
أحدهما: أن الحكمين أعني ما يثبته المستدل وما يثبته القالب إن لم يتنافيا فلا قلب؛ إذ لا امتناع في أن تكون العلة الواحدة مقتضية لحكمين غير متنافين فلا تفسد به العلة، وهذا يعرفك فائدة قوله في التعريف: نقيض الحكم المذكور
وإن تنافيا استحال اجتماعهما في صورة واحدة فلم يمكن الرد إلى ذلك الأصل بعينه، فلا يكون قلبًا؛ إذ لابد فيه من الرد إلى ذلك الأصل بعينه.
وجوابه: أن الحكمين غير متنافيين لذاتهما فلا جرم يصح اجتماعهما في الأصل، لكن دل دليل منفصل على امتناع اجتماعهما في الفرع إذا أثبت القالب الحكم الآخر في الفرع بالرد إلى الأصل ومشهادة اعتباره امتنع ثبوت الحكم الأول فيه؛ لما عرفت أن الحكمين في الفرع لا يجتمعان لدلالة منفصلة، وهذا الكلام كما هو جواب عن شبهة منكر القلب فهو ابتداء دليل على إمكان القلب.
وثانيهما: أن العلة المستنبطة يجب أن تكون مناسبة للحكم، والشيء