وتقريره: إن الحكم الشرعي لابد له من دليل؛ لأنه لو كان ثابتًا من غير دليل فإما أن نكون مكلفين به أو لا نكون، وهذا الثاني باطل لأنه لا معنى للحكم الشرعي إلا خطاب متعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير فثبوته بدون الاقتضاء أو التخيير باطل وإذا بطل، هذا القسم تعين الثاني، وهو أيضًا باطل؛ لأن التكليف بالشيء من غير الشعور به ومن غير طريق يفضي إلى الشعور به تكليف ما لا يطاق فثبت أنه لو كان ثابتًا لكان عليه دليل، والدليل إما النص، أو الإجماع، أو القياس.
والدليل عليه وجوه:
أحدها: حديث معاذ، فإنه يدل على انحصار مدارك الأحكام في الثلاثة، زدنا فيه الإجماع لدليل منفصل فيبقى الباقي على الأصل.
وثانيها: التمسك بالأصل، وتقريره ظاهر، ترك العمل به في الأدلة الثلاثة فوجب أن يبقى فيما عدا هذه الثلاثة على الأصل.
وثالثها: أنه لو حصل شيء من الأدلة غير هذه الثلاثة لكن ذلك من الأمور العظام؛ لأن ما يجب الرجوع إليه في أحكام الشرع نفيًا وإثباتًا في الوقائع الحادثة لا شك أنه من الأمور العظام/ (٣٥٢/ أ) فلو كان ذلك حاصلًا لوجب نقله واشتهاره، ولو كان كذلك لعرفناه بعد البحث والطلب؛