عم أحدهما أخ لأم لما جعل المال كله للأخ، ولولا أنه لا عبرة بقوله واجتهاده مع مصير الصحابة إلى خلافه لما نقضه.
وجوابه: أنا لا نسلم أن المراد من قولهم: أنه - رضي الله عنه - نقض ما حكم به، بل المراد منه: أنه رد عليه بطريق الاستدلال والاعتراض كما يقول: نقض كتاب فلان وكلامه إذا اعترض عليه بقادح، وهذا إن لم يكن خلاف ظاهر اللفظ فصحة الحمل عليه ظاهرة، وإن كان خلافه فيحمل عليه أيضًا جمعًا بين الدليلين.
سلمنا أنه نقض حكمه، لكن لا نسلم أن ذلك، لأنه لا عبرة بقوله وإلا لنقض غيره من الأحكام، كما فيما حكم عليه على خلاف رأيه في مخاصمة له مع آخر، بل لأنه كان على وجه ينقض فيه حكم الحاكم، / (٣٧/ أ) وحينئذ لا يكون فيه دلالة على أنه لا عبرة مخالفة التابعي.
وأما المعقول: فهو أن الصحابة أعرف بالدليل لصحبة الرسول وشهادة التنزيل. وأعرف بما هو المراد من ظاهر الدليل أو التأويل، وإذا كان كذلك كان قوله أقرب إلى الصواب، وموافقة الدليل. هذا إذا فرض مخالفة واحد منهم لواحد من غيرهم، فكيف إذا اتفق جميعهم على شيء وشذ واحد من غيرهم من موافقتهم.
وجوابه، أن ما ذكرتم يقتضي ترجيح - مذهب الصحابي على مذهب غيره وهذا قد يسلم لكم، لكنه لا يقتضي أن ما اتفقوا عليه مع مخالفة غيرهم لهم في حالة الاتفاق يكون إجماعًا، فإنه ليس كل ما هو أقرب إلى الصواب وموافقة الدليل يكون إجماعًا.