دفع حاجة ستين مسكينا وبين دفع حاجة مسكين واحد في ستين يوما، فجوزوا الاقتصار على إطعام مسكين واحد ستين يوما. لأن هذه العلة مستنبطة مما دل عليه ظاهر قوله تعالى:} فإطعام ستين مسكينا {وهو وجوب صرف الطعام إلى ستين مسكينا وهي رافعة لاعتبار العدد الذي هو حكم الأصل فكانت باطلة لما تقدم. والتأويل مبني عليها فكان باطلا، هذا لو سلم ما ذكروه من أن المقصود إنما هو دفع حاجة المسكين، ولا فرق في ذلك بين دفع حاجة ستين مسكينا، وبين دفع حاجة مسكين واحد في ستين يوما، أما إذا لم يسلم ذلك، وهو الأولى، إذ الدفع أسهل من الرفع، بناء على أن المنافسة المعنوية والدلالة اللفظية كلتيهما متطابقتان على اعتبار العدد، فكان] من [اندفاعه] ما ذكروه [وسقوطه أظهر. أما المناسبة المعنوية فلأن كثرة الدعاء مطلوب المؤمن لصلاح دينه ودنياه واستجلاب كثرة المحسنين إليه طريق صالح لتحصيله، ولا يبعد أن يقصد الشارع رعاية العدد مع رعاية دفع الحاجة نظرا لجانب المكفر لما يناله من الخير في الدنيا والآخرة بسبب كثرة دعائهم له. وليتحصن عن المكاره والعذاب بسبب صرف همتهم إليه وقل ما يخلو جميع المسلمين عن ولي من أولياء الله تعالى مستجاب الدعوة يغتنم دعاؤه وتستجلب همته فمع مناسبة هذا، كيف يمكن إلغاء العدد عن درجة الاعتبار وجعل مجرد دفع الحاجة علة لذلك الحكم.