وأما على أصولنا: فهو أنا وإن جوزنا خلو أفعال الله تعالى عن المصالح والحكم، بأنه تعالى لا يجب عليه رعاية المصالح الدينية والدنيوية، لكنا نعتقد أن أحكام الشرع كلها أو أكثرها معللة بالمصالح والحكم.
ولهذا قلنا: بشرعية العمل بالقياس، ولكن غايته أن ذلك ليس على وجه الوجوب، كما يزعم المعتزلة، بل على وجه التفضيل والإحسان، وإذا كان كذلك كان المنهي عن المنهي عنه لابد وأن [يكون] لمصلحة وحكمة، وإن لم يكن ذلك واجبا، وما يكون مشتملا على المصلحة الخالصة لم يكن النهي عنه مصلحة وحكمة بل هو مفسدة، فلا يجوز نظرا إلى ما أجرى الله تعالى عادته من رعاية المصالح في الأحكام الشرعية.
وعلى التقديرين الأخيرين: يكون النهي عنه عبثا، لأنه لا فائدة في إيجاب تركه، كما لا فائدة في إيجاب فعله فيكون عبثا، والعبث على الله تعالى بهذا الاعتبار أيضا محال وفاقا.
أما عندهم فظاهر.
وأما عندنا فنظرا إلى ما أجرى الله تعالى عادته به من رعاية المصالح في الأحكام الشرعية.
فثبت بهذا أن المنهي عنه مشتمل على المفسدة الخالصة، [فوجب أن لا يكون صحيحا لوجهين: