قلت: نحن لا ننكر اشتراط ما ذكرتم من الاحتمال في صحة الاستثناء من غير الجنس، لكن على وجه التجوز، إذا لا يجوز استثناء كل شيء عن كل شيء، وإن كان على وجه التجوز.
فإما على وجه الحقيقة فلا ويدل عليه وجهان:
أحدهما: ما سبق في اللغات، وهو: أن تقييد جواز استعمال اللفظ في معنى بأمر، مع عدم تقييده به في آخر، دليل التجوز.
وثانيهما: أن حمل اللفظ على لازم مدلوله، وإن كان قريبا بينا مجاز بالاتفاق، وهو خلاف الأصل، فلو كان الاستثناء من غير الجنس حقيقة مشروطا بما ذكرتم من الاحتمال، لكانت الحقيقة مستلزمة للمجاز الذي هو على خلاف الأصل، ومستلزم خلاف الأصل أيضا، فتكون الحقيقة خلاف الأصل، هذا خلف.
وإن كان على وجه التجوز، فهذا أيضا: لا يتجه، لأنه قد ورد في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله عليه السلام، وفي كلام الفصحاء من أهل اللسان، في نظامهم، ونثرهم كثيرا خارجا عن الحصر على ما عرفت بعضه فيما تقدم