المخلصين منهم أقل من الغاوين الباقين، وحينئذ لم يلزم ما ذكروه من المحذور، وهو أن يكون كل واحد منهما أقل من نفسه.
وأما الآيات التي استدل بها على أن الغاوين أكثر في الطريقة الثانية فهي مختصة ببني آدم، إذ الضمائر فيها راجعة إليهم، ولفظ العباد وإن كان/ (٢٤٥/ أ) عاما في قوله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور}، لكنه يجب أن يكون مختصا بهم أيضا: ضرورة أن الملائكة المعصومين ليسوا كذلك، والاستقراء إنما يدل على كثرة الغاوين من الإنسان لا من غيرهم، وإذا كان كذلك لم يكن المستثنى أكثر من المستثنى منه في النصين جميعا.
واستدل أيضا: على جواز استثناء النصف خاصة بقوله تعالى: {يا أيها المزمل، قم الليل إلا قليلا "نصفه"}.
ووجه الاستدلال به هو أن النصف بدل من "القليل" الذي هو المستثنى وإنما جعل النصف قليلا، لأنه قليل بالنسبة إلى الكل، فيكون هو المستثنى في الحقيقة، إذ البدل هو المقصود بالنسبة دون المبدل.
وأجيب عنه بمنع كونه بدلا عنه، بل هو بدل عن "الليل" وتقديره: قم الليل نصفه إلا قليلا، فهو على هذا ظرف للقيام، لأنه مستثنى.
ولقائل أن يقول: جعله بدلا عن: القليل، أولى من جعله بدلا عن