أحدهما: أنا أجمعنا، بأن الكافر سواء كان مشركا أو دهريرا لا يرى للعالم صانعا، إذا قال كلمتي الشهادة: فإنه يصير مؤمنا عند ذلك، ولو لم يكن الاستثناء من النفي إثباتا، لما كان مؤمنا، إذ ذاك، لأنه حينئذ لم يكن مثبتا للإلهية لله تعالى، بل نافيا لها من غيره تعالى فقط وبمجرده لا يحصل التوحيد، لأن التوحيد يتوقف على أمرين:
أحدهما: نفي الإلهية عن غير الله تعالى.
وثانيهما: إثباتها لله تعالى، وحينئذ يلزم إلا يصير مؤمنا بقولهما، وهو خلاف الإجماع، وإنما فرضنا الكلام في الدهري أيضا: كيلا يظن أن المقصود من هذه الكلمة إنما هو نفي الشركاء، فإما إثبات الإلهية لله تعالى، فليس هو المقصود من هذه الكلمة، بل كان ذلك حاصلا للكافر قبل التلفظ بكلمتي الشهادة، بدليل قوله تعالى:{ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولون الله}.
فإذا حصل مع ذلك اعتقاد نفي الشركاء صار الكافر مؤمنا، لأن هذا لا يستقيم في حق الدهري الذي لا يرى للعالم صانعا، إذ ليس هو مثبتا للإلهية لأحد، والضمير في قوله:{ولئن سألتهم} ليس براجع إلى جميع أصناف الكفار، بل إلى بعضهم لما علم أن بعضهم لم يقولوا بإثبات الإلهية لله