أحدهما: أنا إنما ندعي ذلك، حيث يصدق اسم المستثنى منه على المستثنى وهو في الاستثناء من الجنس، وما ذكرتم من المثالين ليسا كذلك، إذ لا يصدق النكاح على الولي، والصلاة على الطهور.
وثانيهما: أن الفرق بين قولنا: لا قضاء إلا بالعلم، ولا كرم إلا بالمال، وبين قولنا: لا قاضي إلا فلان، ولا كريم إلا فلان، معلوم بالضرورة.
فإن الأول: إنما يستعمل لإفادة الشرطية لا غير، ولذلك أدخلوا باء الإلصاق في المستثنى ليؤذن بإلصاق المستثنى منه بالمستثنى، ولذلك أيضا: يصح استعماله وإن لم يوجد قاض وكريم في الدنيا، إذ الشرطية بين الشيئين لا يتوقف على وجودهما.
بخلاف النوع الثاني فإنه لا يفهم منه معنى الشرطية أصلا، ولم يصح استعماله حيث لا وجود للمستثنى، ولم يصح دخول الباء عليه.
وعن الثاني: المعارضة بما أنا لو جعلناه حقيقة في إفادة الإثبات أمكن جعله مجازا في الإخراج، ولو جعلناه حقيقة في الإخراج، لم يمكن جعله مجازا في إفادة الإثبات، إذ هو غير لازم له، وأيضا: الترك بالدليل وإن كان خلاف الأصل، لكن قد يصار إليه عند قيام الدلالة عليه وما ذكرنا من الدليل دال عليه فوجب المصير إليه.
وعن الثالث: أنا لا نسلم استعماله، حيث لا يفيده إذا كان المستثنى من الجنس.
سلمناه: لكنه معارض بما أنه يستلزم مجازين، وهو استعماله في تينك/ (٢٤٧/ أ) الصورتين، بخلاف ما إذا جعل حقيقة في أحديهما فإنه لا