تعقب الجمل عاد إلى الكل، فكذا الاستثناء والجامع ما سبق، ولأنه لا فرق بينهما في المعنى، لأن قول/ (٢٤٩/ ب) القائل: أكرم العلماء وأحسن إلى الشرفاء إلا الفاسق منهم، جاري مجرى قوله: أكرم العلماء وأحسن إلى الشرفاء إن لم يفسقوا.
أجيب بالفرق، أما بين الأول منهما، وبين الاستثناء، فلأن في الاستثناء- بمشيئة الله تعالى- قرينة معنوية لازمة له تقتضي عودة إلى الكل، وهي ما علم من توقيف وجود الأشياء كلها على مشيئة الله تعالى، وهذه القرينة وإن كانت حاصلة قبل التلفظ بهذا التعلق والشرط، فإن حقيقة الاستثناء بمشيئة الله تعالى راجعة إلى الشرط، وإن سموه العلماء بالاستثناء، بدليل جريانه في الواحد وعدم جريان الاستثناء فيه، لكن لا عمل بها بالإجماع لما أن المعلق عليها منجبر في اللفظ ونحن إنما نعتبر حال اللفظ لا ما هو الواقع في نفسه، فإذا ذكر ذلك عاد إلى الكل، إذ ليس البعض في ذلك أولى من بعض.
وأما بين الثاني منهما وبينه، فلأن الشرط متقدم في المعنى، وإن كان متأخرًا في اللفظ لوجوب تقدم الشرط على الجزاء، ولهذا كان تقديمه في اللفظ جائزًا بل أولى، بخلاف الاستثناء فإنه لا يجوز تقديمه على المستثنى منه، وإذا كان متقدمًا على الكل صار كل ما بعده مشروطًا به، وهذا الفرق بعينه آت في الاستثناء بمشيئة الله تعالى لما تقدم، أنه راجع إليه.