قالوا: إن، واو، العطف في المختلفات كواو الجمع في المتفقات، فلا فرق حينئذ بين قولك: أحسن إلى المسلمين إلا الفاسق منهم، وبين قولك: أحسن إلى العلماء وأحسن إلى الشرفاء، وهلم جرا إلى أن يذكر جميع أصناف المسلمين إلا الفاسق منهم، فإذا كان الاستثناء في الأول يعود إلى جميع المسلمين المذكورين وجب أيضًا: أن يعود في الثاني إلى جميع المذكورين.
وجوابه: منع أن حرف العطف يصير الجمل المعطوف بعضها على بعض كالجملة الواحدة، أما قياسه على المفرد فيمنع صحته، إذ هو قياس في اللغة.
ولئن سلم: صحته فالفرق بينهما ظاهر، وبيانه من حيث الإجمال أن الاشتراك بين المعطوف، وبين المعطوف عليه في نسبة الفعل المذكور واجب، وهو غير واجب في الجمل المعطوف بعضها على بعض، فإنه يجوز أن يعطف الجملة المنفية على المثبتة وبالعكس، بل "لا" يجب الاشتراك بينهما في مطلق الفعل أيضًا: إذ يجوز عطف الجملة الأسمية على الجملة الفعلية.
وأما قول: أهل العربية مختص بالمفردات لما تقدم ولمقابلتهم "واو" المختلفات "بواو" الجمع في المتفقات، ومن المعلوم أن "واو" الجمع في المتفقات لا يتصور في غير المفردات إذ الجمع لا تجمع، وإذا كان كذلك فلا يلزم من عود الاستثناء إلى جميع المذكورين في الجملة الواحدة، عودة إلى جميع المذكورين في الجملتين.