وأما القياس على الأذان وقراءة الفاتحة فالفرق بينهما ظاهر، لأن المحافظة على نظم الأذان واجبة لئلا يعد تلاعبا فيخل بمقصود الأذان، ولذلك قلنا: إن السكوت القصير لا يضر، والكلام اليسير يضر، لأن إخلال نظمه يحصل بالشروع ولو في كلام يسير دون السكوت القصير.
وأما قراءة الفاتحة فلأن الموالاة بين كلماتها واجبة وتخلل كلام يسير يخل بذلك، وليس الموالاة بين المستثنى والاستثناء واجبة، بدليل أنه يجوز الفصل بينهما بكلام طويل يتعلق بصفة المستثنى منه أو بشيء مما يتعلق به حتى يكون تخلل كلام أجنبي مانعا.
سلمنا: ذلك، لكن ما ذكرتم إنما يقضى في الجمل التي لا يتعلق بعضها ببعض، ولا يناسب بعضها بعضا، ونحن قد سلمنا: الحكم فيه، وإنما ادعينا التوقف فيما ورائها، وما ذكرتم لا يستقيم فيه، إذ الشروع في الجملة بعد الجملة في الجمل المتعلقة بعضها ببعض والمتناسبة لا تعد إعراضا وشروعا في الكلام الأجنبي.
وسابعها: أنه لو كان الاستثناء عائدا إلى جميع الجمل، لوجب في قول القائل: أنت طالق ثلاثا وثلاثا إلا أربعة، أن يقع اثنتان، لكنه ليس كذلك وفاقا، فلا يكون الاستثناء عائدا إلى الجمل كلها.
وجوابه: بعد تسليم الحكم إذ هو ممنوع على رأي لنا "إن ذلك لوجهين":