وإن كان الثالث: وجب تخصيصه" وتقديمه عليه، لكن لا شك في أن وقوع احتمالين من الثلاثة أغلب على الظن، من "وقوع" احتمال واحد منها، فيكون عدم تخصيصه به أغلب على الظن، فيكون العمل به واجبا، إذ العمل بما هو غالب الظن واجب.
وجوابه: أن ما ذكرتم إنما يسلم في الاحتمالات المتساوية في المصلحة، أو المفسدة، فأما في المتقاومة في ذلك، فلا نسلم ذلك فيه، وهذا لأنه رب احتمال واحد قد يغلب على الظن وجوده بالنسبة إلى مقاصد الشرع على الاحتمالات الكثيرة، بناء على اشتماله على مصلحة راجحة.
على تلك الاحتمالات ولا شك أن احتمال التخصيص، راجح في المصلحة على احتمال الإلغاء، وعلى احتمال الترك بالدليلين.
وثالثها: أن الحكم المدلول عليه بالعموم معلوم، والحكم المدلول عليه/ (٢٧٠/ أ) بالقياس مظنون، والمعلوم راجح على المظنون.
وجوابه: منع أن الحكم المدلول عليه بالعموم معلوم، وهذا لأن العام عن الكتاب والسنة المتواترة، وإن كان مقطوع المتن، لكنه مظنون الدلالة على العموم: إذ هو مبني على عدم المخصص وهو ظني.
سلمنا: ذلك لكنه لا فرق بينهما، وقد عرفت دليل ذلك في مسألة أنه يجوز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد فلا نعيده.