لأنا نقول: فعلى هذا تناول الإنسان والحيوان للأفراد التي حدثت بعدهم، يكون بطريق القياس أيضا، إذ لم ينقل عنهم بصراحته أنهم وضعوا الإنسان بإزاء كل حيوان ناطق، ولا الحيوان بإزاء كل جسم حساس متحرك الإرادة، بل غايته أنهم استعملوا في الأفراد التي كانت موجودة في زمانهم من ذلك الجنس، وحينئذ يلزم أن يكون كل اللغات قياسيا ولا قائل به، فإن منعهم "عدم" النقل بصراحته هنا، منعنا نحن أيضا في أسماء الفاعلين والمفعولين وأسماء الصفات بطريق القياس؟ فإنه مختلف فيه، واطرادها متفق عليه، والمتفق عليه غير مستفاد من المختلف، ولئن سلم: أنه غير مختلف فيه على ما زعم بعضهم أنه غير مختلف فيه، بين أهل العربية، أذا اتفقوا على صحة تعليم الأحكام الإعرابية وإلحاق المختلف فيه بالمتفق عليه بالعلة التي فيه، وذلك يدل على اتفاقهم على جريان القياس في اللغات، لكن الحكم المستفاد منه ظني، لأن الطرق الدالة على علية الوصوف/ (٢٧/أ) فيها نحو الدوران والمناسبة "ظنية"، واطراد أسماء الصفات والفاعلين والمفعولين قطعي معلوم بالضرورة من كلامهم فلا يجوز أن يكون مستفادا من القياس. وبهذا ظهر أيضا: ضعف ما استدل به المازني على جريانه في اللغات: وهو أنه لا خلاف بين أهل العربية، أن كل فاعل رفع وكل مفعول منصوب، ولم يثبت ذلك إلا بالقياس، لأنهم رفعوا بعض الفاعلين ونصبوا بعض المفعولين واستمروا عليه في كلامهم، ولم تختلف عاداتهم في ذلك. علم أنهم إنما رفعوا لكونه فاعلا ونصبوا لكونه مفعولا، فإلحاق غيره